منصة بلا روح !!

في سباق التحول الرقمي الذي تقوده المملكة، لا يختلف اثنان على أن الرؤية واضحة، والطموح كبير، والدعم من القيادة سخي وملهم فلقد شهدنا خلال سنوات قليلة تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية الرقمية للمؤسسات الحكومية، وظهرت منصات إلكترونية متقدمة سهّلت الوصول إلى الخدمات، واختصرت المسافات، وخففت من أعباء الحضور الشخصي والانتظار الطويل .
لكن ما لا يُقال كثيرًا، هو أن بعض هذه المنصات بدلًا من أن تكون أداة تمكين تحوّلت في بعض التجارب إلى عائقاً إضافياً ..
طلبات تُقدَّم إلكترونيًا، لتُغلق بردود جاهزة لا تمس جوهر المشكلة، استجابات سريعة شكليًا، بلا أي أثر فعلي ليبدأ بعدها المستفيد رحلته الشاقة في محاولة الوصول إلى “المسؤول”، وغالبًا لا يجد طريقًا واضحًا إلا بزيارة مقر الجهة، وربما مرات عديدة لحل ما كان يُفترض إنجازه بنقرة واحدة.
النتيجة!! إحباط يتزايد، وثقة تتراجع، وصورة منصة تتضرر .
قطعاً المشكلة ليست في الرؤية،
رؤية السعودية 2030 وضعت الإنسان في قلب التحوّل، وركّزت على جودة الحياة، وسرعة الإنجاز، وشفافية الأداء .
إذاً الخلل يكمن في التنفيذ، في فهم بعض الموظفين لدورهم، وفي تعاملهم مع هذه المنصات كحائط إلكتروني لا يعكس روح المسؤولية ولا يراعي احتياجات المستفيد ،إن أكبر تحدٍ يواجه التحول الرقمي ليس تعقيد التقنية، بل غياب الوعي بأهمية الرد، والمتابعة، والتفاعل الصادق مع الطلبات ، فالمنصة ليست هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لتعزيز ثقة المواطن وتحقيق رضا المستفيد ، وإذا تحوّلت إلى مجرد إجراء شكلي أو واجهة بيروقراطية جديدة، فإنها تُفرغ المشروع من مضمونه.
نحن اليوم أمام مسؤولية وطنية مشتركة ، الموظف هو الواجهة الحقيقية للرؤية، وكل استجابة منه تمثل الوطن بأكمله.
والمواطن ليس خصمًا للمنصة، بل شريكاً في تطويرها عندما يُعبّر عن تجربته، ويُطالب بحقه بأسلوب واعٍ ومسؤول .
التحول الرقمي في المملكة خياراً استراتيجياً لا عودة عنه، لكن نجاحه مرهون بإخلاص من ينفّذه، ومصداقية من يتعامل معه .

بقلم / اميره القحطاني
@Amira_q2030

زر الذهاب إلى الأعلى